من الصغر وأنا أحب الحيوانات وأثق في ذكائها
فقد ربيت أنواعا متعددة من القطط شعرت معها بكل الأحاسيس التي يشعر بها الإنسان ، الحب والغيرة والحزن والقهر ...
وأحمد الله أن أسرتي أيضا تحب الحيوانات ، حيث يتردد علينا عديد من القطط التي تعيش في المدينة التي نسكن فيها ، بعضها ممكن أن ينام لدينا ، وبعضها يتمسك بنا كالطفل عندما نستعد لركوب السيارة ، واحدة منها ـ سئسأة ـ وقد وضعت منذ حوالي شهر أربع قطط جميلة جدا ، وأخرى ـ كرنبة ـ وضعت ثلاث قطط صغار ، والأب ـ طقطق ـ هو وكرنبة لونهما مثل سيسيل والاختلاف في الحجم ربما ـ والجدة ـ كوكو ـ هانم ، ليدي بمعنى الكلمة ، لها مكانها المميز على فوتويل بجوار اللمبادير ، وإذا احتله واحد منا تلف وتدور وتنتقل من مكان إلى آخر حتى ننتبه ونطالب المحتل بضرورة الجلاء ، وكم يسعدها انتقاله إلى مكان آخر فتقفز فرحة إلى مكانها وتتكور ، ويبقى شاطر وجدع من يستطيع أن يزحزحها عن مكانها ، خصوصا وهي حامل الآن وعلى وش وضع ، ورغم حملها وكبر حجمها وزيادة وزنها إلا أنها مغرمة بأن تصعد إلينا متسلقة الحائط حتى تصل إلى بلكونة المطبخ أو شباكه ، فتقوم بزحلقة سلك الشباب والزجاج إذا لم يكن مغلقا لكي تعيش حياتها معنا على الرحب والسعة هي وأسرتها الممتدة
وحب ابنتي للحيوانات متميز ، فأول هدية وصلتها في نحن في فرنسا كانت قطة بلون سيسيليا وطقطق وكرنبة بالبونيه الأسود ذي الفارق الأبيض فوق الأنف ، وصورتها معها ومع أختها في حديقة منزلنا في بوردو معلقة على الحائط لدينا الآن في غرفة المعيشة ، وكنا ننتظر المعرض السنوي للقطط لاختيار أجمل قطة . ولهذه الحيوانات الأليفة في فرنسا محلات خاصة لقص الشعر ، مزين (Toiletteur) ، وكذلك للكلاب ، وفنادق خاصة لاستضافتهم ، وأركان بكل احتياجاتهم من طعام بأنواع متعددة (بعضها أساسه الكبد ، والدجاج ، واللحم ، والسمك...) ـ والذي دخلت مصر أنواع منها على أنها "بوبوبيف" طعاما للبني آدمين ـ وأطواق بلاستك وكور بألوان مختلفة وشكل عظام لتحمية أسنانهم ، وأطواق معالجة لكي تحميهم من البراغيث ، وأنواع من الأسرة ، ونوع من النشارة والرمل المعالجة لقضاء الحاجة ، والأوعية اللازمة لقضاء الحاجة والأكل والشرب بألوان متنوعة ...
ومما أتذكره من حب آية للحيوانات ، أنها وهي في سن الثامنة بعد عودتنا من فرنسا وكنا نزور القرية رجعت لي باكية منتحبة ،
وليه يا آية بتعيطي؟
يا ماما واحد بيضرب الحمار ، والحمار معملوش حاجة ، والجملة نفسها رددتها آية لمدرسة اللغة العربية في مدرسة "سان فان سان دي بول" التي دخلتها في مصر مع فتح المدارس عندما ذنبت المدرسة زميلة لها في الفصل ، وكانت حكاية ، قد أكتب عنها بعد ذلك .
واعتقدت يومها أن آية يمكن أن تصبح يوما محامية للضعفاء أو طبيبة بيطرية ....
والحيوانات من ذوي الأربع تدرك وتعقل ما حولها ، فمنها من يحتوي صغار أمها ماتت وترضعها مع أبنائها ، وعلاقاتها الجنسية راقية أكثر من بعض بني الإنسان . وغالبا ما نقول عن من يجري خلف شهواته بأنه حيواني الشهوة ، ونقول عن من يظلم الآخرين وينتهك الحقوق بأنه عايش على نهج شريعة الغاب أو الغابة.. وهنا يجدر الاعتذار إلى كل الحيوانات عن تلك الإهانة ... لماذا؟
فالحيوان لا يثار جنسيا إلا في موسم التزاوج من مرتين إلى ست مرات في السنة الحيوان يا إخواني يثار بهدف التكاثر ، أما الإنسان فآخر أهدافه التكاثر والحلال ..
ولم نسمع يوما عن حيوان اعتدى على حيوان آخر أصغر منه سنا ، بينما سمعنا عن إنسان اغتصب براءة طفلة..
لم نسمع عن خنزير أكل مال اليتيم ... واستغلال أموال التأمينات والمعاشات للأرامل والعجزة من كبار السن تتم تحت بصرنا دون أن يتحرك لنا ساكنا .
ولم نسمع عن تمساح يشرب الخمر فيصبح مسخرة ، أو يرتكب جريمة أو يعمل حادث أو يتعاطى المخدرات وتضيع كرامته ويموت بجرعة زائدة ... ، وفضيحة بعض المغتربين العرب وترنحهم في صورة مزرية في شوارع المدن الأوربية تثير الاشمئزاز من كل ما هو عربي .
لم نسمع عن عنزة أظهرت مفاتنها في كليب غنائي مبتذل ويسيل لعاب ذكور القرود عليها من فرط الشهوة ... ، ولا شاهدنا قردا يتزوج قطة على الملأ ، بينما إنسان يتزوج قطة ويسجل هذا الزواج بالفيديو ويروجه على شبكة الإنترنت ، حقيقي اللي اختشوا ماتوا ، وإن لم تستح فافعل ما شئت ، ولكن "إذا بليتم فاستتروا" .
لم نسمع عن حمار مسك منصب قيادي وتحكم بمصائر العباد ... ، بل هو في خدمة الإنسان بصبر يحسد عليه ، ويؤدي عمله وحده متنقلا بكل ما يحمل به فوق ظهره من البيت للغيط وحده وبدون مرافق ، فقد حفظ الطريق ، ومن بني البر من لا يتعلم بسهولة ، ويجب أن يساق في كل مرة .
لم نسمع عن ملك الغابة وقد خان موطنه وسلمه بيده للغريب يخربه ويستغله ... ،ونرى من يطالب ـ بأسلوب أو بآخر ـ بأن تتدخل أمريكا في الشئون الداخلية لمصر ... ولم يتعظ بما حدث ويحدث في العراق والذي حذرنا منه بعد الغزو العراقي للكويت .
كل الاحترام للحيوان الذي يجب أن نعترف أنه يملك عقلا ، ولنقرأ ما قاله الهدهد عندما مر بمملكة سبأ وأدرك أنهم لا يعبدون الله سبحانه وتعالى ، وأن امرأة تحكمهم ، وكان يجب أن ينقل لسيدنا سليمان عليه السلام كل ما شاهده وفهمه لتبرير تأخره , والنملة الذكية التي عرفت سيدنا سليمان وعرفت جنوده ووضعت الفروض لأهلها ونصحتهم ووضعت لهم خطة لكي ينجوا من الهلاك .
والحيوانات لا تخرق قانون الطبيعة ، وتحافظ على البيئة ، فالحيوان المفترس منها لا يصيد ولا يهاجم إلا لكي يأكل للحفاظ على حياته ... ، ونحن ندمر البيئة الطبيعية والإنسان يصيد ويقتل لعمل حقائب وأحزمة وأحذية وبلاطي ...
فكل الشفقة على إنسان يملك عقلا لا يستغله إلا بظلم نفسه والآخرين ويخرق به قانون الضمير والفطرة السماوية ويحطم التوازن البيئي .
وكل الاحترام للحيوانات التي تسبح لله ولكننا لا نفقه تسبيحها وبعض البشر ـ والعياذ بالله ـ لا يعرف تسبيحا .