[b] زادك الله تعالى من فضله ، ولا حرمنا منك .. ولي استفسار - أرجو أن يتسع صدرك له - عن ماهية الحماية الخارجية ، التي وفرّها الله عز وجل لأهل الكهف . وأعلمُ أن ما ذكرته - حضرتك - موجود في كتب التفسير . ولكن يحق لي التساؤل عن صحة أقوال أناس ليست لهم عصمة المرسلين - عليهم صلوات الله تعالى وتسليماته - وليس لكلامهم قداسة القرآن ، فليس معنى وجود قول في كتاب من كتب التفسير ، أنه صار محصناً ضد النقد . وقد قال الإمام مالك - رحمه الله تعالى - كلٌ يؤخذ من كلامه ويُرد إلّا صاحب هذا القبر ، وأشار إلى قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم .
وتساؤلي هو : هل حماهم الله تعالى بأن ألقى عليهم - هم بذاتهم - الرعب فكل من رآهم هابهم وولى هارباً ؟ فمعنى ذلك أن بعض الناس رآهم وكانوا يعرفون مكانهم ، وماهيتهم ، ويتوارثون حكايتهم طوال مدة رقادهم في الكهف .. وأتخيل أنهم كانوا يحذّرون أبناءهم من الذهاب إلى هذا الكهف قائلين : أنه مسكون بالعفاريت مثلاً . وهذا ما لم يقله الله تعالى ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم - وهما المصدقان فيما يقولان . وإنما قال الله تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم - :" لو اطّلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا " لاحظ الحرف ( لو ) ، ولم يقل ربنا سبحانه : كلما رآهم الناس ولّوا هاربين . . فعلى هذا لم يشاهدهم الناس مطلقاً حتى جاء الوقت الذي أراد الله - جلّت حكمته - أن يكشف خبرهم للناس "ليعلموا أن الساعة آتية لا ريب فيها" . . فالظاهر - والله تعالى أعلم - أنّ الله تعالى ألقى الرعب والهيبة على المكان كلّه فلا يجرؤ أحد على مجرد الاقتراب منه .. كما قال القرطبي : " كأن الله تعالى آواهم إلى هذا المكان الموحش في الظاهر حتى لا يجسر أحد على الدنوّ إليهم " ... وفي تفسير الجلالين " منعهم الله تعالى بالرعب فلا يقترب من مكانهم أحد" ... وفي تفسير ابن كثير وغيره أقوال مشابهة لهذه الأقوال .. وهذا أقرب للمنطق ولسياق الآيات حيث قال ربنا سبحانه : " وكذلك أعثرناعليهم " تدبر لفظة " أعثرنا " فهى وحدها تدل على أن مكانهم كان مجهولاً ، ولم يرهم إنسان مطلقاً حتى أذن الله تعالى بظهور خبرهم واكتشاف أمرهم ، بعد أكثر من ثلاثمائةسنة ... والله تعالى أعلم .